منتدي عالم النور

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحب وأهلا يا زائر


    فوائد من الزهد {الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ}

    avatar
    عمار صلاح



    رسالتي رسالتي : النص
    الجنس : ذكر
    المشاركات : 180
    السٌّمعَة : 0

    فوائد من الزهد {الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ} Empty فوائد من الزهد {الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ}

    مُساهمة من طرف عمار صلاح الخميس 12 مارس 2009, 5:22 pm



    وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ


    فما رأيت احداً من الناس كان أطول حزنا منه ، ما كنا نراه إلا أنه حديث عهد بمصيبة.
    ثم قال : نضحك ولا ندري ، لعل الله عز وجل اطلع على بعض أعمالنا ، فقال : لا أقبل منكم شيئا ، ويحك ابن آدم ! هل لك بمحاربة الله طاقة؟! إن من عصى الله فقد حاربه ، والله لقد أدركت سبعين بدريا ً أكثر لباسهم الصوف ، لو رأيتموهم ، لقلتم مجانين ، ولو رأوا خياركم لقالوا : ما لهؤلاء من خلاق ، ولو رأوا شراركم لقالوا : ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب ! ولقد رأيت أقواما ً ما كانت الدنيا أهون أحدهم من التراب تحت قدم قدميه ، ولقد رأيت أقواماً يمسي أحدهم لا يجد عشاء إلا قوتاً ، فيقول : لا اجعل هذا كله في بطني ، لأجعلن بعضه لله عز وجل ، فيتصدق ببعضه ، وإن كان هو أحوج إليه ممن يتصدق به عليه .
    قال علقمة بن مرثد : فلما ولي عمر بن هبيرة العراق ، أرسل إلى الحسن وإلى الشعبي ، فأمر لهما ببيت ، فكانا فيه شهراً ، أو نحوه ، ثم إن الخصى غدا عليهما ذات يوم ، فقال : إن الأمير داخل عليكما ، فجاء عمر بن هبيرة يتوكأ على عصا له ، فسلم ، ثم جلس ، معظما لهما ، فقال : إن امير المؤمنين يزيد بن عبد الملك يكتب إليَّ كتاباً ، أعرف أن من إنفاذها الهلكة ، فإن أطعته عصيت الله عز وجل ، وإن عصيته أطعت الله عز وجل ، فهل تريا متابعتي إياه فرجاً؟فقال الحسن : يا أبا عمرو ّ أجب الأمير ! فتكلم الشعبي فانحط في حبل ابن هبيرة ن فقال : ما تقول يا أبا سعيد؟!فقال : أيها الأمير قد قال الشعبي ما قد سمعت ، قال : ما تقول أنت؟ فقال: أقول : يا عمر بن هبيرة ! يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله عز وجل ، فظ غليظ ، لا يعصي الله ما أمره ، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ، يا عمر بن هبيرة ! إن تتقي الله تبارك وتعالى ، يعصمك من يزيد بن عبد الملك ، ولن يعصمك يزيد من الله.
    يا عمر بن هبيرة ! ألا تأمن أن ينظر الله عز وجل إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك ، نظرة مقت ، فيغلق بها باب المغفرة دونك ؟! يا عمر بن هبيرة ! لقد أدركت ناساً من صدور هذه الأمة ، كانوا والله على الدنيا وهي مقبلة أشد إدباراً من إقبالكم عليها وهي مدبرة ، يا عمر بن هبيرة ! إني أخهوفك مقاما خوفك الله ، فقال عز وجل : ((ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَوَعِيْد))( سورة إبرهيم) ، يا عمر بن هبيرة ! إن تك مع الله في طاعته ، كفاك يزيد بن عبد الملك ، وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله عز وجل ، وكللك الله إليه ، قال : فبكى عمر بن هبيرة ، وقام بعبرته ، فلما كان من الغد ، ارسل إليهما ، بإذنهما وجوائزهما ، فأكثر فيها للحسن ، وكان في جائزة الشعبي بعض الإقتار، قال : فخرج الشعبي إلى المسجد ، فقال : أيها الناس من استطاع منكم أن يؤثر الله تبارك وتعالى على خلقه ،فليفعل ، فوالذي نفسي بيده ما علم الحسن شيئاً فجهلته ، ولكن أردت وجه بن هبيرة ، فأقصاني الله منه.
    قال أبو محمد : في حديث أبي عن صالح بن زياد الرقي عن يحيى بن أبي سعيد : وكان الحسن مع الله على طاعته ، فحياه وأدناه ،.
    قال : فقام المغيرة بن مخادش ذات يوم إلى الحسن ، فقال : كيف تصنع بمجالسة أقوام يخوفوننا ، حتى رأينا تكاد قلوبنا تطير ؟! قال الحسن : والله لئن تصحب أقواماً يخوفنك حتى يدرك الأمن خير لك من أن تصحب أقواماً يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف .

    فقال له بعض القوم : أخبرنا صفة أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _؟
    فبكى ، ثم قال : ظهرت منهم علامات للخيرات في السيماء والسمت ، والهدى والصدق وخشنت ملابسهم بالاقتصاد ، وممشاهم بالتواضع ، ومطعمهم بالعمل ، ومطيب مطعمهم مشربهم بالطيب من الرزق ، وخضوعهم بالطاعة لربهم ، واستقامتهم للحق فيما أحبوا أو كرهوا ، وإعطاؤهم الحق من أنفسهم ، للعدو والصديق تحفظهم في المنطق ، مخافة الوزر ، ومسارعتهم في أنفسهم رجاء الأجر والاجتهاد لله عز وجل ، في أجسادهم رموا جهارهم ، وكانوا أوضياء أنفسهم ، ظمئت هواجرهم ، ونحلت أجسامهم ، واستخفوا بسخط المخلوقين برضا خالقهم ، لم يفرطوا في غضب ، ولم يحيفوا في جور ، ولم يجاوزوا حكم الله في القرآن بهوى ، شغلوا الألسن بالذكر ، بذلوا دمائهم حين استنصرهم ، وبذلوا أموالهم حين استقرضهم ، لم يكن خوفهم من المخلوقين ، حسنت أخلاقهم وهانت مؤنتهم ، وكفاهم اليسير من دنياهم إلى آخرتهم .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 16 مايو 2024, 8:33 pm