مع حلول فصل الصيف تبدأ مشاكل أشهر الحر؛ حيث يتفرغ الأطفال للهو واللعب، وبالتالي تتربص بهم أمراض الصيف.
()نقدم في المقال التالي نصائح وإرشادات طبية مهمة لكل أم لضمان إجازة صيفية سعيدة لأطفالها؛ فحرارة الصيف الشديدة تحتاج منا حماية جواهرنا الصغيرة من الأمراض الجلدية والأمراض المرتبطة بالصيف، وكذلك تتطلب حرصًا شديدًا لدى إعداد وجبات الطعام للصغار.
في البداية يقول الدكتور "وائل فاروق طلب" أخصائي طب الأطفال: إن هناك مجموعةً من الأمراض تهدد الطفل في فترة الصيف بسبب درجة الحرارة المرتفعة وارتفاع نسبة الرطوبة وموسم التلقيح، فضلاً عن ارتفاع نسبة الأتربة العالقة في الجو؛ أخطرها الأمراض المعوية التي تنتج عن التلوث الغذائي وأنواع من البكتريا تنمو وتتكاثر بسبب الحرارة والرطوبة، مشيرًا إلى أن الذباب يكثر في الجو الحار صيفًا، وهو أهم العوامل الناقلة للبكتيريا وسائر الميكروبات إلى المأكولات والمشروبات فيلوثها، ولا غرابة إذا قلنا إن الذبابة الواحدة يمكنها أن تحمل على جسمها وجناحيها ستة ملايين من البكتيريا المختلفة، والعرق يكثر في الصيف، وخاصةً إذا كانت الحرارة المرتفعة مصحوبةً بزيادة نسبة الرطوبة في الجو، وكثرة العرق تساعد على التهاب الجلد ويقلل إفراز الخمائر الهاضمة للأغذية في الأمعاء خلال الجو الحار، وكذلك تتخمر المأكولات والمشروبات بسرعةٍ في الصيف.
الإسهال الصيفي
وأضاف أنَّ من أكثر أمراض الصيف خطورةً على الأطفال الإسهال الصيفي والدوسنتاريا والحمى التيفودية، ولا جدال في أن الإسهال الصيفي هو أشد هذه الأمراض فتكًا، خاصةً عندما يُصاب به الأطفال خلال العام الأول من العمر، مؤكدًا أن الإحصائيات الطبية أكدت أن النزلات المعوية الحادة تسبب في ما لا يقل عن 50% من الوفيات عند الأطفال خلال العام الأول من العمر، وقد تنتشر بعض هذه الأمراض بشكلٍ وبائي، "أعني بذلك أنها ربما تصيب عددًا كبيرًا من الأطفال في وقت واحد".
وأشار "طلب" إلى أن النزلة المعوية من أهم الأمراض التي تكثر في الصيف وتصيب الأطفال بشكل خاص، وأعراضها هي الإصابة بإسهال شديد يرافقه قيء شديد.
وغالبًا ما تكون النزلات المعوية فيروسية المنشأ، لكنها قد تنتج أحيانًا من الجراثيم، وفي حال الإصابة بالنزلة المعوية يؤدي الإسهال والقيء إلى فقدان الجسم كميةً كبيرةً من السوائل والأملاح؛ مما يسبب الجفاف الذي يظهر في صورة ضعف عام وجفاف الجلد، مع فقدانه حيويته؛ الأمر الذي قد يشكِّل خطورةً على الحياة، وبشكل خاص حياة الطفل؛ لذلك يجب علاج الطفل فورًا وقبل حدوثه.
وعن علاج النزلة المعوية قال طلب: إن أهم شيء هو إعطاء الطفل الماء النقي والسوائل (O.R.S)، وهي عبارة عن محلول مكوَّن من الجلوكوز والملح يعوِّض الجسم ما فقده من السوائل والأملاح، وإذا كان رضيعًا فلا بد من الاستمرار في الرضاعة الطبيعية؛ لأن ثدي الأم هو أفضل المصادر لتغذية الطفل في حالات النزلات المعوية؛ فعلاوةً على أنه معقَّم وخالٍ من الميكروبات فإنه أسهل الألبان هضمًا، وإذا لم يتوفر اللبن في ثدي الأم فيجب تغذية الطفل باللبن الجاف المنزوع الدسم؛ فهو سهل الهضم، والاستمرار في تغذيته بالغذاء المناسب مثل: "حساء الأرز، الموز المهروس، عصير الجزر، عصير التفاح، البطاطا المسلوقة، شوربة الخضار"، لكن هذا كله لا يغني عن مراجعة الطبيب؛ لأن بعض الحالات تحتاج إلى المحاليل الوريدية أو بعض الأدوية الأخرى تبعًا لما يراه الطبيب.
الإنهاك الحراري
ويضيف أنه يأتي بعد ذلك ما يُعرف بالإنهاك الحراري الذي يصيب الأطفال، خاصةً الرضَّع منهم؛ بسبب التعرض للأجواء الحارة وأشعة الشمس؛ الأمر الذي يتسبب في نقص حجم السوائل الداخلة مقارنةً بالمفقودة.
وتتمثل أعراض الصدمة الحرارية في الإرهاق الشديد مع ارتفاع في درجة الحرارة، وجفاف الفم، وتوقف تصبب العرق، وتورد لون الجلد وجفافه، مع ألم شديد في الرأس ونقص في التبول، وهذا الوضع يهدد حياة الطفل؛ لذلك يجب على الأم معالجته فورًا بإعطائه الماء والسوائل والعصائر وفحص الشفاه، فإذا وجدتها جافةً وخشنةً عليها الاستمرار في إمداده بالسوائل حتى تصبح طرية وناعمة؛ وكذلك لا بد أن تلاحظ طفلها؛ فإذا كان يخرج لسانه أو يحكه في اللثة فهذا دليل على الجفاف والعطش، ويسمح للأم بإعطاء الطفلِ السوائلَ والماء والمحلول عند الإصابة بالجفاف منذ الشهر الثاني، وعليها ومراجعة الطبيب بأسرع وقت ممكن.
ضربة الشمس
ويستطرد طلب أن من أكثر الأمراض انتشارًا في فصل الصيف ضربة الشمس، ويصاب الطفل خلالها بارتفاع درجة الحرارة قد يصل إلى 41 درجة مئوية، وحينما تصل درجة حرارة الإنسان إلى هذا الحد فإنه يشكِّل خطورةً شديدةً على جميع الأعمار؛ فمع هذا الارتفاع يشعر الإنسان "بدوخة وزغللة" يصاحبها أحيانًا قيء وإسهال وعدم اتزان، مع انخفاض ضغط الدم والدورة الدموية تصل بالمريض إلى الدخول في الغيبوبة التي بدورها تُفقد خلايا المخ قدرتها على القيام بدورها الرئيسي والحيوي، وما يزيد من خطورة ضربة الشمس أنها تؤدي إلى اختلال التوازن العام للسوائل داخل الجسم، وتجمد الدم في الشرايين؛ مما يترتب عليه إصابة المريض بالذبحة الصدرية أو الفشل الكلوي أو الخلل في وظائف الكبد، إلى جانب هبوط عضلة القلب.
ولتجنب الإصابة بضربة الشمس لا بد من استخدام ملابس خفيفة غير ضاغطة (ذات ألوان فاتحة) للأطفال، وخاصةً الرضَّع؛ بهدف السماح لهم بالتحرك بحرية، ومحاولة البقاء في الأماكن المغلقة والمكيَّفة، خاصةً خلال ساعات منتصف النهار، ويجب عدم ترك الأطفال داخل السيارات المغلقة دون رقيب، خاصةً في مواقف السيارات، ولا بد من استخدام الكريم الحامي للجلد من أشعة الشمس للأطفال عند استعمال المسبح العام أو الشاطئ، وعدم السماح للأطفال باللعب أو البقاء خارج المنزل لفترات طويلة، مع أهمية معرفة تمييز علامات الإرهاق الحراري في بدايته، والإكثار من تناول السوائل، مثل الماء والمشروبات الرياضية التي تحتوي على كميات إضافية من الأملاح، كما يجب الامتناع عن المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين، وكذلك يجب على مرضى الجهاز التنفسي الامتناع عن التمارين الرياضية العنيفة خلال الجو الحار.