إن الدعاة إلى الله ، إذا لم يجمعوا بين عمق العلم ولباقة التصرف وسلامة التحرك، فإن فشلهم محقق لامحالة
وسلامة السير تكون نتيجة للفهم السليم للدعوة، بمبادئها وأصولها وثوابتها وأهدافها وغاياتها ، وكذلك للواقع بطبيعته ومكوناته ومؤثراته وإفرازاته، فضغط الواقع ينبغي أن لايسوق الدعاة إلى الحلول الخاطئة، فمهما طال إنتظار الحلول الصحيحة الدائمة فإنه هو الصواب، وطول الزمن وتسارع الأحداث ، لايفقدان الحق أحقيته، وقصر الزمن وضغط الأحداث، لايمنحان الخطأ صفة الصواب .
فالتحرك السليم نتاج الفهم السليم ،والتحرك الخاطيء نتاج الفهم الخاطيء، وقد ترفض في كثير من الأحيان أفكار سليمة ، بسبب الفهم الخاطيء والسقيم لها كما قال المتنبي:
وكم من عائب قولا سليما وآفته من الفهم السقيم ولسلامة الفهم وصحته نواسف ونواقض كثيرة نذكر منها:
1) ـ عدم الإخلاص:
فالعمل لدعوة الله الغاية منه مرضاة الله عز وجل، والمقصود به وجهه سبحانه ، فإن قصد به غير ذلك ، ودخلت فيه الأهواء الجانحة ، والشهوات الخفية ، والنزوات الدفينة ، أظلمت القلوب ، وإختلت العقول ، وطاشت الأفهام ، فينسف عند ذلك الفهم السليم للدعوة، وتتعثر المسيرة ، فقد قال إبن الجوزي رحمه اللهإنّما يتعثر من لم يخلص)، وقيلمالايراد به وجه الله يضمحل).
2) ـ الجهل وقلّة العلم:
مستحيل أن يفهم الإنسان شيئا يجهله ، أو لايعلم منه إلا القليل، والجهل بقواعد الدعوة وأصولها وثوابتها وأبجدياتها، قد يؤدي إلى معاداتها وضررها ، إن على مستوى التبليغ والإستيعاب، أو على مستوى النشاط والممارسة،لأن من جهل شيئا عاداه، وقد قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله ماعصي الله تعالى بمعصية أعظم من الجهل )، قيل لهياأبا محمد هل تعرف شيئا أعظم من الجهل؟)، قالنعم ، الجهل بالجهل).
وقد سئل سفيان الثوري رحمه الله:عمّن يحدّث بالعلم قبل تأهله، فقالإذا كثر الملاحون غرقت السفينة). فقلّة العلم تنسف الفهم السليم، وتعمّق دوائر الخلاف لأنهلو سكت من لايعلم ، لسقط الخلاف)كما قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله.
3) ـ إتّبـــاع الهــوى:
فإن غلبة الهوى تصدّ عن الحق ، بحيث تظهر الأدلّة المقنعة والحجج الدامغة، .لكن صاحب الهوى لايقنعه كل ذلك، بل يجحده وينكرة ويحرفه ويؤوله تأويلات تبرر هواه ، وقد كان أعظم تخوّف الإمام علي رضي الله عنه من ذلك فقالإنّ أخوف ماأخاف عليكم إثنتين: طول الأمل وإتباع الهوى، فأمّا طول الأمل فينسي الآخرة، وأمّا إتبّاع الهوى فيصدّ عن الحق).
والهوى كذلك يفسد العقول السليمة كما قال الشاعر: إنّ الهوى يفسد العقل السليم ومن يعصي الهوى عاش في أمن من الضرر وفساد العقل معناه إختلال الفهم ونسفـــــــــــه ونقضه.
4) ـ العجلة وعدم التروّي:
فعدم التأنّي وعدم التريث، في التعامل مع الأفكار ، يفقد الرأي صوابه ، وينزل بالفهم إلى مدارك القصور والخلل، إذ لافهم مع العجلة ، وقد أوصى أعرابي أولاده قائلاإياكم والعجلة ، فإنّ أبي كان يسميها أم الندم). وقديما قال الشاعر: وماالرأي إلاّ بعد تثبّت ولاالحزم إلاّ بعد تلوّم.
( والتلوم: الإنتظار والتأني) وقال الإمام النسفي رحمه اللهإنّ الله تعالى خلق السموات والأرض ومابينهما ، في ستة أيام ، وهو قادر على خلق ذلك بكلمة كن، ليعلّم عباده التأنّي).
فلينظر السالك طريق الدعوة أين يضع القدم، فربّ مستعجل وقع في بئر بوار كما نصح الإمام إبن الجوزي رحمه الله.
5) ـ السطحية وعدم التعمٌّق:
وعدم التعمق في فهم الأفكار والمعاني مرض إشتكى منه علماؤنا قديما ، حيث قال إبن الجوزي رحمه اللهفأقلّ موجود في الناس ، الفهم والغوص في دقائق المعاني).
والسطحية في التعامل مع الأفكار والآراء ، تجعل العقل لايستوعب بالطريقة الصحيحة، ومن ثمّ لاتكتمل الصورة لديه ، فلا يتعمق ولايدقّق ، فينتج عنها فهم غير سليم وسطحي وقاصر، فيبني عليه مواقفا وأحكاما ، تكون عواقبها وخيمة على الفرد والمجموع، لأن نسف الفهم نتيجته نسف كلّ مايرتبط به ويبنى عليه.
هذه بعض نواسف الفهم السليم فلنتجنبها ، لأنه من فهم المقصود وعمل بالدليل ، كان كالباني على أساس وثيق.
اللهم هب لنا توفيقا ينير الطريق، وهداية تقي العثرات ، وعناية تأخذ باليد إلى الحق، ويقينا يزيل اللبس في مواطن الشبهات ، وتأييدا يثبت الأقدام في مواقع الزلل، وثباتا يعصم من النكوص.
اللهم جنبنا زلة الرأي ، وزلزلة العقيدة، ودغل الضمير ، ورين البصيرة، وخيبة الرجاء.
آمين]
وسلامة السير تكون نتيجة للفهم السليم للدعوة، بمبادئها وأصولها وثوابتها وأهدافها وغاياتها ، وكذلك للواقع بطبيعته ومكوناته ومؤثراته وإفرازاته، فضغط الواقع ينبغي أن لايسوق الدعاة إلى الحلول الخاطئة، فمهما طال إنتظار الحلول الصحيحة الدائمة فإنه هو الصواب، وطول الزمن وتسارع الأحداث ، لايفقدان الحق أحقيته، وقصر الزمن وضغط الأحداث، لايمنحان الخطأ صفة الصواب .
فالتحرك السليم نتاج الفهم السليم ،والتحرك الخاطيء نتاج الفهم الخاطيء، وقد ترفض في كثير من الأحيان أفكار سليمة ، بسبب الفهم الخاطيء والسقيم لها كما قال المتنبي:
وكم من عائب قولا سليما وآفته من الفهم السقيم ولسلامة الفهم وصحته نواسف ونواقض كثيرة نذكر منها:
1) ـ عدم الإخلاص:
فالعمل لدعوة الله الغاية منه مرضاة الله عز وجل، والمقصود به وجهه سبحانه ، فإن قصد به غير ذلك ، ودخلت فيه الأهواء الجانحة ، والشهوات الخفية ، والنزوات الدفينة ، أظلمت القلوب ، وإختلت العقول ، وطاشت الأفهام ، فينسف عند ذلك الفهم السليم للدعوة، وتتعثر المسيرة ، فقد قال إبن الجوزي رحمه اللهإنّما يتعثر من لم يخلص)، وقيلمالايراد به وجه الله يضمحل).
2) ـ الجهل وقلّة العلم:
مستحيل أن يفهم الإنسان شيئا يجهله ، أو لايعلم منه إلا القليل، والجهل بقواعد الدعوة وأصولها وثوابتها وأبجدياتها، قد يؤدي إلى معاداتها وضررها ، إن على مستوى التبليغ والإستيعاب، أو على مستوى النشاط والممارسة،لأن من جهل شيئا عاداه، وقد قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله ماعصي الله تعالى بمعصية أعظم من الجهل )، قيل لهياأبا محمد هل تعرف شيئا أعظم من الجهل؟)، قالنعم ، الجهل بالجهل).
وقد سئل سفيان الثوري رحمه الله:عمّن يحدّث بالعلم قبل تأهله، فقالإذا كثر الملاحون غرقت السفينة). فقلّة العلم تنسف الفهم السليم، وتعمّق دوائر الخلاف لأنهلو سكت من لايعلم ، لسقط الخلاف)كما قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله.
3) ـ إتّبـــاع الهــوى:
فإن غلبة الهوى تصدّ عن الحق ، بحيث تظهر الأدلّة المقنعة والحجج الدامغة، .لكن صاحب الهوى لايقنعه كل ذلك، بل يجحده وينكرة ويحرفه ويؤوله تأويلات تبرر هواه ، وقد كان أعظم تخوّف الإمام علي رضي الله عنه من ذلك فقالإنّ أخوف ماأخاف عليكم إثنتين: طول الأمل وإتباع الهوى، فأمّا طول الأمل فينسي الآخرة، وأمّا إتبّاع الهوى فيصدّ عن الحق).
والهوى كذلك يفسد العقول السليمة كما قال الشاعر: إنّ الهوى يفسد العقل السليم ومن يعصي الهوى عاش في أمن من الضرر وفساد العقل معناه إختلال الفهم ونسفـــــــــــه ونقضه.
4) ـ العجلة وعدم التروّي:
فعدم التأنّي وعدم التريث، في التعامل مع الأفكار ، يفقد الرأي صوابه ، وينزل بالفهم إلى مدارك القصور والخلل، إذ لافهم مع العجلة ، وقد أوصى أعرابي أولاده قائلاإياكم والعجلة ، فإنّ أبي كان يسميها أم الندم). وقديما قال الشاعر: وماالرأي إلاّ بعد تثبّت ولاالحزم إلاّ بعد تلوّم.
( والتلوم: الإنتظار والتأني) وقال الإمام النسفي رحمه اللهإنّ الله تعالى خلق السموات والأرض ومابينهما ، في ستة أيام ، وهو قادر على خلق ذلك بكلمة كن، ليعلّم عباده التأنّي).
فلينظر السالك طريق الدعوة أين يضع القدم، فربّ مستعجل وقع في بئر بوار كما نصح الإمام إبن الجوزي رحمه الله.
5) ـ السطحية وعدم التعمٌّق:
وعدم التعمق في فهم الأفكار والمعاني مرض إشتكى منه علماؤنا قديما ، حيث قال إبن الجوزي رحمه اللهفأقلّ موجود في الناس ، الفهم والغوص في دقائق المعاني).
والسطحية في التعامل مع الأفكار والآراء ، تجعل العقل لايستوعب بالطريقة الصحيحة، ومن ثمّ لاتكتمل الصورة لديه ، فلا يتعمق ولايدقّق ، فينتج عنها فهم غير سليم وسطحي وقاصر، فيبني عليه مواقفا وأحكاما ، تكون عواقبها وخيمة على الفرد والمجموع، لأن نسف الفهم نتيجته نسف كلّ مايرتبط به ويبنى عليه.
هذه بعض نواسف الفهم السليم فلنتجنبها ، لأنه من فهم المقصود وعمل بالدليل ، كان كالباني على أساس وثيق.
اللهم هب لنا توفيقا ينير الطريق، وهداية تقي العثرات ، وعناية تأخذ باليد إلى الحق، ويقينا يزيل اللبس في مواطن الشبهات ، وتأييدا يثبت الأقدام في مواقع الزلل، وثباتا يعصم من النكوص.
اللهم جنبنا زلة الرأي ، وزلزلة العقيدة، ودغل الضمير ، ورين البصيرة، وخيبة الرجاء.
آمين]