خطر التنصير في دارفور
إقليم دارفور يعتبر من أكبر الأقاليم في السودان، إذ تبلغ مساحته أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع، وهو يقع في أقصى غرب السودان، وتشكل حدوده الغربية الحدود السياسية للسودان في تلك الجهة مع ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد.
وكانت دارفور في السابق مملكة إسلامية مستقلة تَعاقب على حكمها عدد من السلاطين، كان آخرهم السلطان علي دينار، الذي يذكر التاريخ عنه أنه كان يكسو الكعبة المشرفة سنويًا، ويوفر الغذاء لأعداد كبيرة من الحجاج فيما يعرف عند سكان الإقليم بـ"قدح السلطان علي دينار" أو " أبيار علي".
وقد تأثر إقليم دارفور بالثقافة الإسلامية قبل دخول المستعمرين؛ فأقيمت المدارس الدينية لتعليم القرآن والشريعة الإسلامية، وتم إرسال العديد من أبناء الإقليم إلى الدراسة في الأزهر الشريف؛ حيث خصص "رواق دارفور" منذ تلك الفترة، كما كانت هناك نهضة ثقافية وفكرية أسهمت في تلاحم القبائل.
ويقترب عدد سكان إقليم دارفور من ستة ملايين نسمة، معظمهم من المسلمين السُّنَّة، من ذوي التوجهات الإسلامية الواضحة، حيث تزداد فيهم نسبة الحافظين لكتاب الله بشكل لافت للنظر (بعض الأرقام والإحصاءات ذكرت أن 50% من سكان الإقليم يحفظون كتاب الله)، ولعل هذا ما يعطي انطباعًا عن الطبيعة الإسلامية لهذا الإقليم، والتي جعلت اهتمام الغرب والصهاينة به أكثر وأعظم.
المهندس الحاج عطا المنان - والي جنوب دارفور -حذر من وجود بوادر حملة تنصيرية بدارفور، وكشف لدى لقائه وفد الحكومة الزائر لولايته عن قيام عدد من رجال الدين المسيحي بتوزيع كتب التنصير على المواطنين في محاولة لتنصيرهم وإبعادهم عن الدين الإسلامي، وقال إن الخطر الحقيقي ليس في التدخل الخارجي بالسلاح ولكن في تنصير مواطني دارفور الذين عُرفوا بحبهم للقرآن وكتابتهم للمصحف الشريف.
وفي ندوة عُقدت بمقر موقع "إسلام أون لاين.نت" 27-7-2003- صرَّح الصادق المهدي أن 21 مطبخًا أوربيًا وأمريكيًا ليس من بينها مطبخ عربي واحد تضع حلولاً لقضية السودان، كما أن العديد من البلدان الأوربية مثل هولندا وألمانيا والنرويج صارت تعتبر السودان قضية داخلية في مناقشات برلماناتها؛ لأن الكنائس والمنظمات التطوعية التي تعنى بالإغاثة هناك تؤثر على الرأي العام الداخلي.
وقد كشف وزير الداخلية السوداني مؤخرًا عن أن عدد المنظمات التنصيرية الأوروبية والأمريكية العاملة في دارفور يبلغ أكثر من 30 منظمة، تقوم بأدوار في غاية الخطورة، وتستغل العمل الإغاثي في عمليات التنصير في دارفور التي يعتبر غالبية سكانها مسلمين ولا يوجد بها كنيسة واحدة؛ وقد يلقي هذا بعشرات الأسئلة حول المنظمات الإغاثية التي تم طردها مؤخرًا من السودان، وهل كانت تمارس بالفعل أدوارًا تبشيرية، خاصة بعد اتهام الرئيس البشير لها بخرق القانون والإضرار باستقرار السودان، حيث قال: "طردنا عشر منظمات أجنبية بعد رصدنا نشاطات لها تتنافى مع كل اللوائح والقوانين والمواثيق".
ومن بين المنظمات التنصيرية التي كرست جهودها مؤخرًا في دارفور: منظمة ميرسي كوربس الأمريكية الإنجيلية التي قضت 25 عامًا في التنصير في جنوب السودان، ويبدو أن ثمة تعاونًا وثيقًا بين نصارى الجنوب وبين المنظمات التنصيرية؛ فقد أرسل رئيس الأساقفة الإنجيليين بالسودان يوسف مارونا إلى نظرائه في مناطق مختلفة في العالم يحثهم فيها على التدخل في دارفور.
وإذا كانت هناك بعض الآراء ترى أن التدخل الغربي والأمريكي كان مقبولاً فيما يتعلق بالوضع في جنوب السودان بدعوى أن هناك صراعًا بين مسلمين ومسيحيين (وفق إحصاء سابق يرجع لعام 1981: نسبة المسلمين في الجنوب 18%، والمسيحيين 17%، وباقي السكان وثنيون)؛ فإن هذا التدخل ليس مقبولاً في الغرب؛ لأن كل القبائل هناك مسلمة سواء العربية أو الأفريقية بنسبة 99%، وليس هناك معنى لتدخل الاتحاد الأوربي بدعوى وجود تطهير عرقي أو ديني.
كل هذا يحدث من خلف ستار منظمات الإغاثة، ولا ندري من الأحق بإغاثة أهل دارفور: العرب والمسلمون، أم المنصِّرون الغربيون؟ وإذا كانت الحكومة السودانية تعرف أهداف هذه المنظمات من قبل وتعرف توجهاتها فلماذا سمحت لها بدخول السودان؟
إن إقليم دارفور يحتاج الآن إلى حملة إغاثة إسلامية لإنقاذه من حالته المتردية، وليثبت المسلمون للعالم أجمع أننا أحق بإطعام أهلنا وإخواننا في السودان.
ماذا التقاُطع فـي الإسـلام بينكـمُ وأنتــمْ يـا عبـــادَ الله إخــــوانُ ؟
ألا نفــوسٌ أبِيَّاتٌ لـهـــــا هـمـــمٌ أما على الخيرِ أنصـارٌ وأعـوانُ
يا غافلاً وله في الدهـرِ موعظـةٌ إن كنت في سِنَةٍ فالدهـرُ يقظـانُ------------------------------