تطرح المتغيرات الراهنة على الحالة السياسية الإقليميةوالعالمية حزمةً من التساؤلات في شأن مستقبل الأوضاع العامة في منطقة العالم العربيوالشرق الأوسط، وخصوصًا فيما يتعلق بمجموعةٍ من المشروعات السياسية الإقليميةوالدولية، مثل المشروع الصهيوني، ومشروع المقاومة الموازي أو المقابل له، وكذلكالمشروعات الإقليمية لبعض القوى المحلية والدولية في هذه المنطقة الساخنة منالعالم، مثل إيران والولايات المتحدة والأوروبيين.
وفي حقيقة الأمر فإنَّ الظاهرة الأبرز التي تثير الانتباه فيهذا الإطار، هي غياب المشروع العربي المستقل في خضمِّ هذه التطورات وسيل المشروعاتالتي تتقاذفها مختلف القوى الإقليمية والدولية، فاتجاهات السياسة العربية فيالمنطقة ليست مستقلة، فهي مرتبطة بمشروعاتٍ أخرى لأطرافٍ غير عربيةٍ.
فمن جهةٍ انخرطت مجموعة من القوى العربية الرئيسية ضمن مايُعرَف بمحور الاعتدال العربي الموالي، أو على الأقل الذي يتبنى الأجندة الأمريكيةفي المنطقة، وتقيم بعض أطرافه علاقاتٍ مع الكيان الصهيوني؛ مثل مصر والأردن، بينماالضلع الثالث لهذا المحور، وهي العربية السعودية، تقدمت بمشروع التسوية العربية- الصهيونية الأكثر شمولاً، وهو المبادرة العربية للسلام، والتي تبنتها قمة بيروتالعربية في العام 2002م.
وكانت المبادرة بمثابة انقلاب على مقررات قمة أخرى عربية،وهي قمة الخرطوم في العام 1967م، والتي أقرَّت اللاءات الثلاثة الشهيرة، وهي: "لاصلح، ولا اعتراف، ولا تفاوض مع العدو الصهيوني".
ويدور في فلك هذه القوى الرئيسية، قوى أخرى فرعية، مثلالإمارات، والتي تلعب أدوارًا محدودةً في إطار المشروع الأمريكي- الصهيوني الأكبرفي المنطقة.
بينما من جهةٍ أخرى، نرى الأطراف العربية الواقعة في محور مايعرف بـ"الممانعة" إما مأزومة أو تابعة، فالسودان واليمن واقعتان في الأزمات، بينماسوريا تتحالف مع إيران، ولا يمكن لأحد أنْ يُنكِر أنَّ إيران لها مشروعٌ إقليميٌّ،بغضِّ النظر عن الموقف منه.
وفي هذا الإطار أيضًا هناك ظاهرة أخرى تُميِّز الحالةالسياسية في المنطقة، وهي ظاهرة الاستقطاب الحاد، الناتج عن التضاد الكامل بينمختلف المشروعات التي تعمل في العالم العربي والإسلامي، في المصالحوالانتماءات
وتتنازع الأطراف المتضادة مصالح سياسية شديدة التعارُض، بمايجعل الاستقطاب الحاصل في المنطقة قويًّا لدرجة أنَّه لا توجد حالات وسط في تطوراتالأحداث، فإمَّا زواج كاثوليكي كما هي الحال في اتفاقيات التسوية بين مصر والأردنوالسلطة الفلسطينية من جهة، وبين الكيان الصهيوني من جهة، أو حرب ضروس تتكرر كلبضعة أعوامٍ كما بين المقاومة الفلسطينية واللبنانية وبين الكيان، وكما ظلت سوريافي سنوات الحرب الأهلية في لبنان؛ حيث دخلت معارك مباشرة عديدة مع الجيش الصهيونيفي لبنان.
ولذلك، ومع كون الحلول الوسط ممنوعة في لعبة الشرق الأوسط،فإنَّ الأزمة بين إيران والتحالف الأمريكي- العربي- الصهيوني الذي خلقته واشنطن معبعض دول "المحور المعتدل" في المنطقة العربية، لن تنتهي، قياسًا على سوابق الحالةفي المنطقة، إلا بحربٍ أو باستسلامٍ إيرانيٍّ كامل للشروط الأمريكية والصهيونية،وهو الاحتمال الأبعد في ظل طبيعة الطرف الإيراني، وهو ما يُبْقي احتمال الحربالأقرب للوقوع، مع كون السياسة الصهيونية في عهد الحكومة الحالية أميل لتبنِّيالخيارات الهجومية في سياساتها الخارجية.
وهو ما يبرزه العرض التالي:
* إيرانيًّا:
أعطت الحكومة الصهيونية أولوية للملف النووي الإيراني،ويُجري سلاح الجو الصهيوني حاليًا مناوراتٍ، تخشى معها واشنطن أنْ تكون مقدمةًلعدوانٍ صهيونيٍّ فرديٍّ على إيران.
* فلسطينيًّا:
1- إغلاق باب المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، خصوصًا حولاللاجئين والأراضي المحتلة.
2- التركيز على التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية في رامالله.
3- الحديث عن التنمية الاقتصادية للمناطق الفلسطينية، بدلاًمن قضايا اللاجئين والأراضي المحتلة.
4- القدس خارج دائرة التفاوض، إذا ما استؤنفت، فالقدس "عاصمةأبدية موحدة لإسرائيل"، وفي حال العودة للمفاوضات، سيتم استبدال البلدة القديمة،بأراضٍ في صحراء النقب تُعطى للفلسطينيين.
5- المضي قدمًا في مشروعات توسيع مغتصبات القدس والضفةالغربية، وبناء أخرى جديدة، وطرد الفلسطينيين من ديارهم في القدس، وكل ما من شأنهتهويد المدينة المُقدَّسة، وتكريس الوجود اليهودي في الخليل وغور الأردن، بشريًّاوعسكريًّا.
6- تمَّ تقديم مشروع قانون في الكنيست الصهيوني لاعتبارالأردن وطنًا بديلاً للفلسطينيِّين، مع طرح خيار الترانسفير لعرب الداخل في أراضيالـ48، إمَّا لدويلةٍ فلسطينيَّةٍ في قطاع غزة، أو إلى الأردن.
7- رفض مرجعيَّات أنابوليس، والمبادرة العربيَّة للسَّلام،مع تأكيد أنَّ استئناف المفاوضات مع الفلسطينيِّين رهينٌ بإزالة حكم حماس عن قطاعغزة، وتوحيد جهة التَّخاطُب الفلسطينيَّة، على أنْ تعترف حركات المقاومة بمرجعيَّاتالَّلجنة الرُّباعيَّة الدولية، وهي إلقاء السلاح، والاعتراف بالكيان والاتفاقياتالموقعة بينه وبين منظمة التحرير.
* سوريًّا ولبنانيًّا:
1- رفض الانسحاب من الجولان السوري المحتل، مع الموافقة علىاستئناف التفاوض مع سوريا، لا يكون نهايته بالضرورة عودة الجولان.
2- الانسحاب الصهيوني من قرية الغجر اللبنانية المحتلة فيحرب صيف العام 2006م، ولكن بعد الانتخابات العامة اللبنانية في يونيو المُقبل، معإرجاء الانسحاب من مزارع شبعا لحين التَّسوية النَّهائيَّة مع سوريا.
3- تكثيف الوجود الاستخباري الصهيوني في لبنان، والاستمرارفي إثارة القلق الداخلي عن طريق المناورات العسكرية والطلعات الجوية فوق الأجواءاللبنانية.
وفي حقيقة الأمر فإنَّ الظاهرة الأبرز التي تثير الانتباه فيهذا الإطار، هي غياب المشروع العربي المستقل في خضمِّ هذه التطورات وسيل المشروعاتالتي تتقاذفها مختلف القوى الإقليمية والدولية، فاتجاهات السياسة العربية فيالمنطقة ليست مستقلة، فهي مرتبطة بمشروعاتٍ أخرى لأطرافٍ غير عربيةٍ.
فمن جهةٍ انخرطت مجموعة من القوى العربية الرئيسية ضمن مايُعرَف بمحور الاعتدال العربي الموالي، أو على الأقل الذي يتبنى الأجندة الأمريكيةفي المنطقة، وتقيم بعض أطرافه علاقاتٍ مع الكيان الصهيوني؛ مثل مصر والأردن، بينماالضلع الثالث لهذا المحور، وهي العربية السعودية، تقدمت بمشروع التسوية العربية- الصهيونية الأكثر شمولاً، وهو المبادرة العربية للسلام، والتي تبنتها قمة بيروتالعربية في العام 2002م.
وكانت المبادرة بمثابة انقلاب على مقررات قمة أخرى عربية،وهي قمة الخرطوم في العام 1967م، والتي أقرَّت اللاءات الثلاثة الشهيرة، وهي: "لاصلح، ولا اعتراف، ولا تفاوض مع العدو الصهيوني".
ويدور في فلك هذه القوى الرئيسية، قوى أخرى فرعية، مثلالإمارات، والتي تلعب أدوارًا محدودةً في إطار المشروع الأمريكي- الصهيوني الأكبرفي المنطقة.
بينما من جهةٍ أخرى، نرى الأطراف العربية الواقعة في محور مايعرف بـ"الممانعة" إما مأزومة أو تابعة، فالسودان واليمن واقعتان في الأزمات، بينماسوريا تتحالف مع إيران، ولا يمكن لأحد أنْ يُنكِر أنَّ إيران لها مشروعٌ إقليميٌّ،بغضِّ النظر عن الموقف منه.
حالة استقطاب
وفي هذا الإطار أيضًا هناك ظاهرة أخرى تُميِّز الحالةالسياسية في المنطقة، وهي ظاهرة الاستقطاب الحاد، الناتج عن التضاد الكامل بينمختلف المشروعات التي تعمل في العالم العربي والإسلامي، في المصالحوالانتماءات
وتتنازع الأطراف المتضادة مصالح سياسية شديدة التعارُض، بمايجعل الاستقطاب الحاصل في المنطقة قويًّا لدرجة أنَّه لا توجد حالات وسط في تطوراتالأحداث، فإمَّا زواج كاثوليكي كما هي الحال في اتفاقيات التسوية بين مصر والأردنوالسلطة الفلسطينية من جهة، وبين الكيان الصهيوني من جهة، أو حرب ضروس تتكرر كلبضعة أعوامٍ كما بين المقاومة الفلسطينية واللبنانية وبين الكيان، وكما ظلت سوريافي سنوات الحرب الأهلية في لبنان؛ حيث دخلت معارك مباشرة عديدة مع الجيش الصهيونيفي لبنان.
ولذلك، ومع كون الحلول الوسط ممنوعة في لعبة الشرق الأوسط،فإنَّ الأزمة بين إيران والتحالف الأمريكي- العربي- الصهيوني الذي خلقته واشنطن معبعض دول "المحور المعتدل" في المنطقة العربية، لن تنتهي، قياسًا على سوابق الحالةفي المنطقة، إلا بحربٍ أو باستسلامٍ إيرانيٍّ كامل للشروط الأمريكية والصهيونية،وهو الاحتمال الأبعد في ظل طبيعة الطرف الإيراني، وهو ما يُبْقي احتمال الحربالأقرب للوقوع، مع كون السياسة الصهيونية في عهد الحكومة الحالية أميل لتبنِّيالخيارات الهجومية في سياساتها الخارجية.
وهو ما يبرزه العرض التالي:
* إيرانيًّا:
أعطت الحكومة الصهيونية أولوية للملف النووي الإيراني،ويُجري سلاح الجو الصهيوني حاليًا مناوراتٍ، تخشى معها واشنطن أنْ تكون مقدمةًلعدوانٍ صهيونيٍّ فرديٍّ على إيران.
* فلسطينيًّا:
1- إغلاق باب المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، خصوصًا حولاللاجئين والأراضي المحتلة.
2- التركيز على التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية في رامالله.
3- الحديث عن التنمية الاقتصادية للمناطق الفلسطينية، بدلاًمن قضايا اللاجئين والأراضي المحتلة.
4- القدس خارج دائرة التفاوض، إذا ما استؤنفت، فالقدس "عاصمةأبدية موحدة لإسرائيل"، وفي حال العودة للمفاوضات، سيتم استبدال البلدة القديمة،بأراضٍ في صحراء النقب تُعطى للفلسطينيين.
5- المضي قدمًا في مشروعات توسيع مغتصبات القدس والضفةالغربية، وبناء أخرى جديدة، وطرد الفلسطينيين من ديارهم في القدس، وكل ما من شأنهتهويد المدينة المُقدَّسة، وتكريس الوجود اليهودي في الخليل وغور الأردن، بشريًّاوعسكريًّا.
6- تمَّ تقديم مشروع قانون في الكنيست الصهيوني لاعتبارالأردن وطنًا بديلاً للفلسطينيِّين، مع طرح خيار الترانسفير لعرب الداخل في أراضيالـ48، إمَّا لدويلةٍ فلسطينيَّةٍ في قطاع غزة، أو إلى الأردن.
7- رفض مرجعيَّات أنابوليس، والمبادرة العربيَّة للسَّلام،مع تأكيد أنَّ استئناف المفاوضات مع الفلسطينيِّين رهينٌ بإزالة حكم حماس عن قطاعغزة، وتوحيد جهة التَّخاطُب الفلسطينيَّة، على أنْ تعترف حركات المقاومة بمرجعيَّاتالَّلجنة الرُّباعيَّة الدولية، وهي إلقاء السلاح، والاعتراف بالكيان والاتفاقياتالموقعة بينه وبين منظمة التحرير.
* سوريًّا ولبنانيًّا:
1- رفض الانسحاب من الجولان السوري المحتل، مع الموافقة علىاستئناف التفاوض مع سوريا، لا يكون نهايته بالضرورة عودة الجولان.
2- الانسحاب الصهيوني من قرية الغجر اللبنانية المحتلة فيحرب صيف العام 2006م، ولكن بعد الانتخابات العامة اللبنانية في يونيو المُقبل، معإرجاء الانسحاب من مزارع شبعا لحين التَّسوية النَّهائيَّة مع سوريا.
3- تكثيف الوجود الاستخباري الصهيوني في لبنان، والاستمرارفي إثارة القلق الداخلي عن طريق المناورات العسكرية والطلعات الجوية فوق الأجواءاللبنانية.