:•°•¤ خــــ ــ ـــروج نهــ ـــ ـــائي ¤•°•
:
:
::
:
دخـل الزوج مستعجـلاً على زوجتـه وقال لهـا في حــدة :
موعــد الرحـلة قـــد أقترب ولابــد أن نذهب للمطـــــار الآن .
شهقت الزوجـة في ذهول :
الآن ؟!
ــ نعم الآن ..
ــ ولكني لم انتهي من أعمـالي !
ــ ولماذا لم تُنهي عملك حتى الآن ؟
الم تعلمي بأننا سننتقـــل إلى حيث أنتقل عملي وأننا سنسافر ؟
ــ بلى ولكن ليس بهذه السرعة .
ــ وما لأمر المهم الذي لم تنجزيه لعل الوقت يسعفنا لإتمامه قبل السفر ؟
قالت محاولةً التذكر :
هناك أمانة لقريبتي فلانة، وصحون وأغراض منزلية لجارتي فلانة ،
وغيرها لا أستطيع حصرها الآن .
ــ وكلٌي إحدى أخواتك لتقوم بالمُهمة بالنيابة عنك .
ــ حسناً ولكني لم أنظف المنزل جيداً ،
ومن الصعب أن يأتي المستأجرون الجدد وهو بهذه الحالة.
ــ لا تقلقي ربما يكونون أناساً طيبون فيقومون بتنظيفه دون أن يعتبوا عليكِ .
ــ طيب بقي أهم شيء .
ــ وما هـــو ؟!
ــ لم أتوادع من أمي وأبي وأخوتي .
ــ لا تخافي سيقدٌرون وضعنا واستعجالنا بالأمـر .
"لحظـة صمـت"
الزوج منهياً المحادثة :والآن هيـا لنذهب فرحلتنا قد اقتربت .
ــ حسنـاً كما ترى.
ــ اين أمتعتنا ؟
حدقت وعيناها قد اتسعتا :
مـااااااااذا أمتعتنا ؟!
صرخ وقـــد نَفـــذ صبرُه:
نعـــــــــــــم أمتعتنا ،أم أنكِ ترديننا أن نسـافر بدونهـــــا ؟!
قالت بتردد وخوف:
ولكنـــــني ............. لم أُعـــــــ ــــــ ــدهـا بعــــ ـــــ ــد !!
ما رأيكم بحال هـــــذه المرأة؟!
وهل تجـدون لهـا عذراً على إهمالها وتقصيرهـا ؟!
أن حالـــــنا لأشـــــد
استهتــــاراً
وإهمـــــالاً
وتقصـــيراً
من حــــال تلك المرأة
فسفرنا أبعـــد، وزادنا قليل ، وحملنـا ثقيل ،
قال الله تعالى :
(
فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَيَسْتَقْدِمُونَ )
(الأعراف:34)
فمـاذا اعددنا لانتقالنا للدار الآخــرة ؟
وهل زادنــا يكفيــــــــــنا ؟
ألسنـا نعلم أن مصيرنـا الموت وأنه قد يأتيـنا بغتة ؟
فهل تهيئنــــا له ؟
أم أننا كتلك المرأة ؟!
بمقارنة بسيطـــة ، وجدت أننــا مع الأسف ، نشبهها في تقصيرهـا الى حداً كبير .
فهي لم تُرجع أغراض جاراتها إليهم ،
ونحن مكبلون بالأمانات والمستحقات للآخرين،
فقد أكلنا حق هذا ، وظلمنـا ذاك ، واعتدينا على أخواننا المسلمين وآذيناهم،
فلم تسلم منا أعراضهم ولا أنفسهم،
ولنحــذر أخوتي قبل أن نقع فيمـا وقعت فيه أختنا،
عندما تركت بيتها لمن بعدها قذراً ومهملاً،
ولنبُادر إلى منازلنـا من الآن ، فننظفهـا من المنكرات ،
ونعمرُها بطاعة الله.
ولا نترك تلك المُهمة لمن بعدنا من الورثة ،فربمـا لا يكونون أهلاً لها،
فنحمل ذنوبهم إلى ذنوبـنا والعياذ بالله.
والأهـــل والأقــارب لنكن معهــم في وداعاً دائم،
فالوداع من اللحظـات الحميمـة ، التي تتسامح فيهـا القلوب،
وتتصافى فيها النفوس،لأنهـا قد أيقنـت بالفُراق،
فلنجدد ذلك الوداع ،بأن نُحسـن علاقتنا بأقاربنا،
فنطلب العفـو والسمـاح ممن أخطأنا بحقــه،
ونواصـل من قطعــــنا،
ونواسي من يحتـاجنا،
حتى أن غادرنا،
كنا كمن طاف بأهله فودعهم جميعـاً ،
وترك في قلب كلاً منهم ذكراً طيباً وترحماً عليه.
والآن بقي الأهــــم..
حتى لا نُدرك مدى تقصيرنا واستهتارنا بعد فوات الأوان كما فعلت تلك المرآة!
لنبدأ بتجهــيز أمتعتنا للرحيل بأي وقـــت،
فنبادر للتوبة ونعزم على الإستقامة والإنابة،
ونحرص على الاستزادة من أعمال الخير والبر ، ومداومة الصلاة والذكر،
والابتعاد عن الفتن وأبواب الشــــر،
فما لك ليس يعمل فيك وعظ *** ولا زجر كأنك من جمـاد
ستندم إن رحلـت بغير زاد *** وتشـقى إذ يناديك المـنادي
فلا تأمن لذي الدنيا صلاحا *** فإن صلاحها عين الفسـاد
ولا تــفرح بمــال تقتنيـــه *** فإنك فيــه معكــوس المراد
وتب مما جنيت وأنت حــي *** وكن متنبهــا قبــل الرقــاد
أترضى أن تكــون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد؟!
فالبــدار أحبتـي
ولنستعـد من الآن للانتقال
من دار الابتلاء ونبع الفتنة ،إلى دار الطمأنينة وروضة من رياض الجنة,
اسأل الله أن يحسن لنـا ولكم الختـــام ،وأن يطـهرنا من الذنوب والآثام،
وأن يرزقنـا شفاعة خـير الأنام ،عليه أفضل الصلاة والسلام ،