جهود مكثفة ومتسارعة تقوم بها القيادة السياسية المصرية الآن للوصول لتثبيت وقف إطلاق النار، الذي نجحت في تحقيقه في غزة، وتم بموجبه وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم وانسحاب القوات المعتدية، خارج القطاع، في إطار المبادرة المصرية الشاملة لاستعادة التهدئة، وفتح المعابر، ورفع الحصار، وتحقيق المصالحة الفلسطينية، وإعادة الإعمار.
وتأتي الجهود المصرية المبذولة الآن، في إطار المعركة السياسية والدبلوماسية الضخمة والناجحة، التي خاضتها القيادة السياسية المصرية، بكل الحكمة، والوعي، والقوة، منذ اللحظات الأولي للعدوان، بهدف واضح محدد، وهو انقاذ الشعب الفلسطيني، ووقف المذبحة التي يتعرض لها أهلنا في غزة، انطلاقا من موقف مصر الثابت والدائم، في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، ومساندة ودعم قضيته العادلة، وحقه في العيش بسلام وأمن بعيدا عن القتل والدمار، وحقه في قيام دولته المستقلة بالضفة وغزة وعاصمتها القدس الشريف.
ورغم كل المهاترات الفارغة، والمزايدات الرخيصة، وبالرغم من حملة الأكاذيب، والادعاءات الباطلة، التي شنها بعض السفهاء، والحمقي، قصار النظر والقامة، الذين تحالفوا مع دولة الفرس، وانقادوا لها في تآمرها وتهجمها علي مصر غير مدركين أنهم بلا وزن ولا قيمة،...، إلا أن مصر كعادتها دائما، واصلت طريقها باصرار، دون التفات الي كل تلك الصغائر، حتي حققت وقف شلال الدم المتدفق في غزة، بوقف إطلاق النار كخطوة أولي، تبعها انسحاب القوات الاسرائيلية،..، ثم تتبعها بقية الخطوات.
وإذا كان العالم اليوم بكل دوله وقواه المؤثرة والفاعلة، يسعي مع مصر لتحقيق بنود المبادرة المصرية، وتحويلها إلي حقيقة علي أرض الواقع المأساوي والمؤلم في غزة المحتلة، بتثبيت وقف اطلاق النار، ثم الاتفاق علي التهدئة، وفتح المعابر وتحقيق المصالحة الفلسطينية، والبدء في اعادة الإعمار،...، فان تلك شهادة تقدير لمصر وقيادتها السياسية التي أثبتت دائما قدرتها الفائقة علي التعامل بكل الحكمة والوعي مع الأزمات الطارئة، والمزمنة في تلك المنطقة المشتعلة والمتفجرة بالأزمات دائما وأبدا.
وإذا كنا نري زخما دوليا كبيرا يؤيد مصر في مسعاها لانقاذ غزة وأهلها، والوصول بالسفينة الفلسطينية الي بر الامان، فاننا لابد أن ننبه في الوقت ذاته، جميع الزعماء الاشاوس للفصائل الفلسطينية، الي أملنا وأمل كل العرب، ومن قبلهم وبعدهم آمال الشعب الفلسطيني، في كل الاراضي المحتلة، وفي غزة علي وجه الخصوص، بأن تتوقف حالة الشقاق والخلاف القائمة الآن علي الساحة الفلسطينية وبين الفصائل بالذات،..، وأن تنتهي حالة الانقسام المؤسفة والمثيرة للغضب والسخط، لدي أبناء الشعب الفلسطيني وكل الشعوب العربية.
وأن تتوقف هذه الخطايا البشعة التي ترتكبها هذه الفصائل في حق الشعب الفلسطيني، وفي حق القضية الفلسطينية، فكانت النتيجة أنها فرقت الفلسطينيين، واضعفتهم، وشتت قواهم، واطاحت بالقضية الفلسطينية بعيدا عن مواضع الاهتمام والجدية والحل من المجتمع الدولي كله.
***
واحسب انه من الضروري أن يرتدع قادة هذه الفصائل ويثوبوا الي رشدهم، ويعودوا الي العقل والحكمة، ويدركوا انهم يتصارعون علي سراب، وان الأولوية المطلقة الان، يجب ان تكون لتحقيق المصالحة وتوحيد الصف الفلسطيني، والاتفاق علي تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطيني، تكون مقبولة فلسطينيا وعربيا ودوليا،...، وأن ذلك هو الطريق لتضميد الجراح، والوصول للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في غزة والضفة.
ونقول ايضا، إن الفرصة المتاحة حاليا، والتحمس الدولي للوصول لحل دائم للقضية الفلسطينية، وعلاج شامل للأسباب التي ادت الي مأساة غزة، يجب ان تقابلها رغبة صادقة من الاخوة الفلسطينيين لرأب الصدع، وتوحيد الصف والكلمة حتي لا تضيع الفرصة كما ضاعت فرص اخري كثيرة قبل ذلك.
***
ونحن نقر بالواقع فقط لا غير، إذا ما قلنا ان ذلك الزخم الدولي الساعي لمؤازرة وتأييد مصر في مسعاها الداعم للقضية الفلسطينية، والهادف للحل العادل والشامل لصراع الشرق الاوسط، انما يأتي نتيجة الجهد الهائل الذي بذلته ولاتزال تبذله عن اقتناع كامل، بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في اقامة دولته المستقلة علي الأراضي التي احتلت عام ٧٦٩١، وايمانها الدائم، بان السلام الشامل والعادل هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاستقرار وتوفير الامن لكل شعوب المنطقة.
وأبلغ دليل علي ذلك مانراه وما رأيناه طوال الاسابيع الماضية وحتي الآن، من إقبال جميع زعماء وقادة العالم للتواصل مع مصر وقائدها وزعيمها سواء بالزيارة واللقاء المباشر والحوار المشترك وجها لوجه، أو بالتشاور والحوار من خلال الاتصالات الهاتفية والرسائل حول تطورات الامور، والمستجدات علي الساحة وتنسيق المواقف بشأنها.
وفي هذا الإطار، كانت الزيارات العديدة، واللقاءات المكثفة، والاتصالات المستمرة للرئيس مبارك مع قادة وزعماء العالم، والتي بلغت ذروتها في قمة شرم الشيخ، التي حضرها جميع الزعماء الاوروبيين، وامين عام الامم المتحدة، والتي اعلن فيها الجميع تأييدهم التام للجهد المصري، والمبادرة المصرية الساعية لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وإنقاذ أهلنا في غزة من النساء والاطفال والشيوخ، الذين يسقطون بالآلاف بين شهيد وجريح.
ثم كان بعد ذلك الموقف الامريكي المؤيد للرئيس مبارك ومبادرته وتحركه،وجهده الذي اعلن علي لسان الرئيس اوباما فور توليه السلطة خلال اتصاله بالرئيس مبارك، وبعدها في أول حوار له علي الفضائيات، ثم علي لسان مبعوثه للسلام »ميتشيل« الذي تم تكليفه بمهمة عاجلة في المنطقة فور تولي الادارة الجديدة مقاليد السلطة وفور دخول الرئيس أوباما للبيت الابيض بعد اتمام مراسم توليه.
كل ذلك لم يأت من فراغ، ولم يكن بلا معني،...، ولكنه اتي نتيجة جهود مصرية صادقة بذلها زعيم مصر بحكمته المعهودة وبصيرته النافذة، وقراءته الصحيحة للواقع، واستشرافه الدقيق لآفاق المستقبل.