حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول
موضعه في البخاري
فى كتاب الإيمان فى باب فضل من استبرأ لدينه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم ) (سورة المؤمنون آية 51) وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم وأشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) (آية 172 من سورة البقرة ). ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ، يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) (رواه مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها 2/703 برقم ( 1015 ) ورواه الترمذي في أبواب تفسير القرآن سورة البقرة رقم ( 2989 ) وأنظر تحفة الأحوذي ( 8/266 ) . قوله لا يقبل إلا طيباً : المراد أن الله تعالى لا يقبل من الصدقات إلا ما كان طيباً حلالا . وقيل : لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلها ، كالرياء والعجب ، ولا من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً ، فإن الطيب توصف به الأعمال والأقوال والاعتقادات ، وضد الطيب : الخبيث . إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين : المراد أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال والعمل الصالح . من أحكام الحديث : 1- الله سبحانه وتعالى طيب منزه عن النقائص والعيوب كلها ، فله سبحانه الأسماء الحسنى ، والصفات العلى . 2- الله تعالى طيب يحب من عباده أن يكونوا طيبين في أعمالهم وأقوالهم واعتقاداتهم ، قال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه). (سورة فاطر آية 10) ووصف تعالى رسوله الله بأنه يحل الطيبات ، قال تعالى : ( ويحل لهم الطيبات ) (سورة الأعراف آية 157) ، ووصف المؤمنين بالطيب ، قال تعالى : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) (سورة النحل آية 32 ) ، فالمؤمن كله طيب : قلبه ، ولسانه ، وجسده ، بما يسكن في قلبه من الإيمان ، ويظهر على لسانه من الذكر ، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة ، قال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : ( سبحان الله ، إن المسلم لا ينجس )، (رواه البخاري في كتاب الغسل باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس ( الفتح 1/390 ) رقم ( 283 ) ، ومسلم في كتاب الحيض ، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس 1/82 رقم ( 371 ) . وبضد ذلك الكافر، قال تعالى (إنما المشركون نجس ) (سورة التوبة آية 28). 3- كما يحب الله من عباده أن يكونوا طيبين ، فلا يكونوا بخلاف الطيب وهو الخبيث سواء بأقوالهم أو أفعالهم أو اعتقاداتهم ، فالله تعالى وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه يحل الطيبات ، ويحرم الخبائث ، قال تعالى ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) (سورة الأعراف آية 157). 4- مما يستنبط من الحديث الأمر في التعامل المالي بالحلال ، والحذر من التعامل بالحرام ، فالرسول صلى الله عليه وسلم نبه أن الله تعالى لا يقبل إلا طيباً ، وجعل صفة مشتركة بين الرسل والمؤمنين أنهم لا يأكلون إلا الطيبات من الرزق ، وبناء عليه فلا يقبل عطاء أو صدقة من كسب حرام وقد تضافرت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية على الحث على الأكل والتعامل بالحلال ، والنهي عن ضده ، قال الله تعالى : ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ) (سورة البقرة آية 168). ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)، (سورة النساء آية 29) . وقال سبحانه ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم ) (سورة البقرة آية 198) . وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ أمن الحلال أم من الحرام ) ( أخرجه البخاري ، كتاب البيوع ، باب من لم يبال من حيث كسب المال 4/296 رقم ( 2059 ) . وعن المقدام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) . (رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب كسب الرجل وعمله بيده 4/303 رقم ( 2072 ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه ) (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب الاستعفاف عن المسألة 3/335 برقم ( 1471 ) ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب كراهة المسألة 2/721 برقم ( 1042 ) . 5- بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يقبل عند الله المال إلا إذا كان طيباً ، فالصدقة من المال الحرام غير مقبولة ، روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يقبل الله صلاة بغير طهور ، ولا صدقة من غلول)(رواه مسلم في صحيحه ، كتاب الطهارة ، باب وجوب الطهارة للصلاة 1/204 برقم ( 224 ) . ، وفي الصحيحين مرفوعاً: (ما تصدق عبد بصدقة من مال طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه ). (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب الصدقة من كسب طيب 3/278 برقم ( 1410 ) ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب قبول الصدقة في الكسب الطيب 2/702 برقم ( 1014 ) 6- التعامل بالمال الحرام أكلاً ولباساً وتغذية مانع لإجابة دعاء الداعي مهما توفرت أسباب الإجابة من السفر ، والتبذل ، ورفع الأيدي ، والإلحاح ، وغيرها . قال بعض السلف : (لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي) . 7- من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى ويستعان به على تحقيق المطالب الدنيوية والأخروية الدعاء ، وإذا حرم المسلم إجابة دعائه حرم خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة . 8- ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعض آداب الدعاء ، والتي هي من أسباب الإجابة ، وهي : أ- إطالة السفر ، والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء ، روى أبو داود وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد لولده ) (أخرجه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب الدعاء بظهر الغيب 1/480 ، برقم ( 1536 ) ، و الترمذي ، كتاب البر والصلة ، باب ما جاء في دعوة الوالدين 4/277 برقم ( 1905 ) .. ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء ؛ لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان، وتحمل المشاق . ب- رفع الأيدي في الدعاء ، أخرج الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما ، عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين) (أخرجه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب الدعاء 1/468 برقم ( 1488 ) ، وأخرجه الترمذي ، كتاب الدعوات ، باب 105 ، في 5/520 برقم ( 3556 ) ج- الإلحاح على الله عز وجل بذكر ربوبيته ، بقول ( يا رب ، يا رب)، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء . ومسك الختام الله أسال للجميع العلم النافع والعمل الصالح |