[size=29]
بدعة الاحتفال بالمولد النبوى وأثرها على فساد المعتقد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فقد حرصت جماعة أنصار السنة المحمدية منذ نشأتها الأولى وعلى مدار تاريخها الطويل على دعوة الناس إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وتحذير الناس من الشركيات والخرافات والبدع التي شوهت معالم الإسلام، والبدع مرض خطير يهدد كيان الأمة منذ قرون طويلة، وقد ذاقت الأمة بسببها الويلات والمحن، والمستقرئ لتاريخ المسلمين يجد أن أهل الأهواء والبدع كانوا وما يزالون من أكبر أسباب تفرق المسلمين إلى شيع وأحزاب، فأهل البدع من الخوارج كانوا أول من فارق جماعة المسلمين بمعتقداتهم الباطلة وأفهامهم الفاسدة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه للأسف إلى حمل السيف على أهل السنة مِن أجل ذلك كان السبيل الأمثل لجمع شمل الأمة، والعلاج الناجع لداء فرقتها هو ما وصفه النبي حيث قال «وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي »
وفي هذه السطور نحذر من بدعة أطلت برأسها على الأمة بعد القرون المفضلة، كانت سببًا وراء إحداث كثير من البدع العقائدية في صفوف الأمة، فنقول مستعينين بالله عز وجل
أولاً كمال الشريعة وكفايتها
يقول الله عز وجل ممتنًا على عباده « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا » المائدة ، فهذه الآية الكريمة تدل على تمام الشريعة وكمالها وكفايتها لكل ما يحتاجه العباد
يقول ابن كثير في تفسيره هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل الله تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه، ولا خلاف، كما قال تعالى « وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً » الأنعام ، أي صدقًا في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة» انتهى
فلا يتصور أن يجيء إنسان ويخترع في الشريعة شيئًا ؛ لأن الزيادة عليها تعد استدراكًا على الله تبارك وتعالى، وتوحي بأن الشريعة ناقصة، وهذا يخالف ما جاء به كتاب الله تبارك وتعالى، فلا يتصور إنسان يزيد على شرع الله ويكون غير مذموم
وعن طارق بن شهاب قال «قالت اليهود لعمر إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ؛ لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا قال وأي آية ؟ قالوا « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا » قال عمر واللهِ إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله فيه، والساعة التي نزلت فيها نزلت على رسول الله عشية عرفة، في يوم الجمعة» رواه البخاري
وأخرج الطبراني في «معجمه الكبير» عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال تركنا رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في الهواء ؛ إلا وهو يذكر لنا منه علمًا قال فقال رسول الله «ما بقي شيء يُقَرِّبُ من الجنة ويباعد من النار ؛ إلا وقد بُيِّن لكم»
فهذا الحديث النبوي الشريف فيه التصريح الجلي الواضح بأن كل ما يقرب إلى الجنة ويباعد من النار قد بينه لنا رسول الله
فأي إحداث أو ابتداع أو تقليد لأحد إنما هو استدراك على الشريعة، وجرأة شنيعة ينادي بها صاحبها أن الشريعة لم تكتمل، فاحتاجت إلى إحداثه وابتداعه
وهذا ما فهمه تمامًا أصحاب النبي ؛ كما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال «اتبعوا ولا تبتدعوا ؛ فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة»
«فإذا كان ذلك كذلك ؛ فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله إن الشريعة لم تتم، وإنه بقي منها أشياء يجب استدراكها ؛ لأنه لو كان معتقدًا لكمالها وتمامها من كل وجهٍ لم يبتَدع، ولا استدرك عليها، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم
قال ابن الماجشون سمعت مالكًا يقول من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة ؛ لأن الله يقول « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ »، فما لم يكن يومئذٍ دينًا، فلا يكون اليوم دينًا» الاعتصام للشاطبي
«فطرق الدين والعبادات الصحيحة إنما هي ما بينه الذي خلق الخلق على لسان رسوله محمد ، فمن زاد على هذا أو نقص ؛ فقد خالف الحكيم الخلاق العليم، بتركيبه الأدوية من عند نفسه، ربما صار دواؤه داءً، وعبادته معصية، وهو لا يشعر ؛ لأن الدين قد كمل تمام الكمال، فمن زاد شيئًا فيه ؛ فقد ظن الدين ناقصًا، وهو يكمله باستحسان عقله الفاسد وخياله الكاسد» مفتاح الجنة للمعصومي ص
وقال الشوكاني في «القول المفيد» ص مناقشًا بعض المبتدعين في شيء من آرائهم «فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه ؛، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟ إن كان من الدين في اعتقادهم فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم، وهذا فيه رد للقرآن، وإن لم يكن من الدين ؛ فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين ؟ وهذه حجة قاهرة، ودليل عظيم، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه أبدًا، فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي وترغم به آنافهم وتدحض به حججهم»
ثانياً الغلو في النبي وأثره في فساد المعتقد
نهى النبي عن الغلو في شخصه فقال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله» أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مديح المسيح وتعظيمه فقد كان الإطراء هو بداية الغلو في عيسى، والادعاء أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه
ولذلك كانت الحيطة التي لم ينتفع بها البعض كصاحب البردة «البوصيري» حين قال
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من عطاء النبي وإفضاله، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ، ومن عجيب الأمر أن الشيطان زين لهم أعمالهم وأظهر لهم ما يصنعون في صورة محبة النبي وتعظيمه
ثم قال مبالغًا في غلوه
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
فتأمل ما في هذا البيت من الشرك
أنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الحوادث إلا النبي ، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو، قال الشاعر
لذ بالإله ولا تلذ بسواه
من لاذ بالملك الجليل كفاه
أنه دعا النبي وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأله هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية
ثم انظر وتدبر وتحسر على أحوال المسلمين وكيف انصرفوا عن رب العالمين وراحوا يتوسلون بالنبي توسلاً شركيًا ويطلبون منه بعد موته كشف الضر عنهم، ويبثون إليه شكواهم، وينشدون في ذلك الأشعار كحال هذا الذي يخاطب الرسول قائلاً
يا صاحب القبر المنير بيثرب
يا منتهى أملي وغاية مطلبي
يا من به في النائبات توسلي
وإليه في كل الحوادث مهربي
يا من يجود على الوجود بأنعم
خضر تعم عموم صوب الصيب
يا غوث من في الخافقين وغيثهم
وربيعهم في كل عام مجدب
يا من نناديه فيسمعنا على
بعد المسافة سمع أقرب أقرب
ويقول أيضًا
مولاي مولاي فرج كل معضلة
عني فقد أثقلت ظهري الخطيات
واعطف عليَّ وخذ يا سيدي بيدي
إذا دهتني الملمات المهمات
شرح ديوان البرعي في المدائح الربانية والنبوية للشاعر عبد الرحمن البرعي ص
وهكذا كان الغلو سببًا في نشر العقائد الهدامة في صفوف الأمة بدعوى محبة النبي التي استغلها الصوفية أسوأ استغلال في إظهار كثير من البدع مثل الحضرات والموالد والتوسل البدعي والشركي وصيغ الصلوات المبتدعة حتى أفسدوا على الناس عقائدهم ولبسوا عليهم دينهم.
بدعة الاحتفال بالمولد النبوى وأثرها على فساد المعتقد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فقد حرصت جماعة أنصار السنة المحمدية منذ نشأتها الأولى وعلى مدار تاريخها الطويل على دعوة الناس إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وتحذير الناس من الشركيات والخرافات والبدع التي شوهت معالم الإسلام، والبدع مرض خطير يهدد كيان الأمة منذ قرون طويلة، وقد ذاقت الأمة بسببها الويلات والمحن، والمستقرئ لتاريخ المسلمين يجد أن أهل الأهواء والبدع كانوا وما يزالون من أكبر أسباب تفرق المسلمين إلى شيع وأحزاب، فأهل البدع من الخوارج كانوا أول من فارق جماعة المسلمين بمعتقداتهم الباطلة وأفهامهم الفاسدة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه للأسف إلى حمل السيف على أهل السنة مِن أجل ذلك كان السبيل الأمثل لجمع شمل الأمة، والعلاج الناجع لداء فرقتها هو ما وصفه النبي حيث قال «وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي »
وفي هذه السطور نحذر من بدعة أطلت برأسها على الأمة بعد القرون المفضلة، كانت سببًا وراء إحداث كثير من البدع العقائدية في صفوف الأمة، فنقول مستعينين بالله عز وجل
أولاً كمال الشريعة وكفايتها
يقول الله عز وجل ممتنًا على عباده « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا » المائدة ، فهذه الآية الكريمة تدل على تمام الشريعة وكمالها وكفايتها لكل ما يحتاجه العباد
يقول ابن كثير في تفسيره هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل الله تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه، ولا خلاف، كما قال تعالى « وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً » الأنعام ، أي صدقًا في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة» انتهى
فلا يتصور أن يجيء إنسان ويخترع في الشريعة شيئًا ؛ لأن الزيادة عليها تعد استدراكًا على الله تبارك وتعالى، وتوحي بأن الشريعة ناقصة، وهذا يخالف ما جاء به كتاب الله تبارك وتعالى، فلا يتصور إنسان يزيد على شرع الله ويكون غير مذموم
وعن طارق بن شهاب قال «قالت اليهود لعمر إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ؛ لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا قال وأي آية ؟ قالوا « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا » قال عمر واللهِ إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله فيه، والساعة التي نزلت فيها نزلت على رسول الله عشية عرفة، في يوم الجمعة» رواه البخاري
وأخرج الطبراني في «معجمه الكبير» عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال تركنا رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في الهواء ؛ إلا وهو يذكر لنا منه علمًا قال فقال رسول الله «ما بقي شيء يُقَرِّبُ من الجنة ويباعد من النار ؛ إلا وقد بُيِّن لكم»
فهذا الحديث النبوي الشريف فيه التصريح الجلي الواضح بأن كل ما يقرب إلى الجنة ويباعد من النار قد بينه لنا رسول الله
فأي إحداث أو ابتداع أو تقليد لأحد إنما هو استدراك على الشريعة، وجرأة شنيعة ينادي بها صاحبها أن الشريعة لم تكتمل، فاحتاجت إلى إحداثه وابتداعه
وهذا ما فهمه تمامًا أصحاب النبي ؛ كما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال «اتبعوا ولا تبتدعوا ؛ فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة»
«فإذا كان ذلك كذلك ؛ فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله إن الشريعة لم تتم، وإنه بقي منها أشياء يجب استدراكها ؛ لأنه لو كان معتقدًا لكمالها وتمامها من كل وجهٍ لم يبتَدع، ولا استدرك عليها، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم
قال ابن الماجشون سمعت مالكًا يقول من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة ؛ لأن الله يقول « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ »، فما لم يكن يومئذٍ دينًا، فلا يكون اليوم دينًا» الاعتصام للشاطبي
«فطرق الدين والعبادات الصحيحة إنما هي ما بينه الذي خلق الخلق على لسان رسوله محمد ، فمن زاد على هذا أو نقص ؛ فقد خالف الحكيم الخلاق العليم، بتركيبه الأدوية من عند نفسه، ربما صار دواؤه داءً، وعبادته معصية، وهو لا يشعر ؛ لأن الدين قد كمل تمام الكمال، فمن زاد شيئًا فيه ؛ فقد ظن الدين ناقصًا، وهو يكمله باستحسان عقله الفاسد وخياله الكاسد» مفتاح الجنة للمعصومي ص
وقال الشوكاني في «القول المفيد» ص مناقشًا بعض المبتدعين في شيء من آرائهم «فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه ؛، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟ إن كان من الدين في اعتقادهم فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم، وهذا فيه رد للقرآن، وإن لم يكن من الدين ؛ فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين ؟ وهذه حجة قاهرة، ودليل عظيم، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه أبدًا، فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي وترغم به آنافهم وتدحض به حججهم»
ثانياً الغلو في النبي وأثره في فساد المعتقد
نهى النبي عن الغلو في شخصه فقال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله» أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مديح المسيح وتعظيمه فقد كان الإطراء هو بداية الغلو في عيسى، والادعاء أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه
ولذلك كانت الحيطة التي لم ينتفع بها البعض كصاحب البردة «البوصيري» حين قال
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من عطاء النبي وإفضاله، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ، ومن عجيب الأمر أن الشيطان زين لهم أعمالهم وأظهر لهم ما يصنعون في صورة محبة النبي وتعظيمه
ثم قال مبالغًا في غلوه
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
فتأمل ما في هذا البيت من الشرك
أنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الحوادث إلا النبي ، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو، قال الشاعر
لذ بالإله ولا تلذ بسواه
من لاذ بالملك الجليل كفاه
أنه دعا النبي وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأله هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية
ثم انظر وتدبر وتحسر على أحوال المسلمين وكيف انصرفوا عن رب العالمين وراحوا يتوسلون بالنبي توسلاً شركيًا ويطلبون منه بعد موته كشف الضر عنهم، ويبثون إليه شكواهم، وينشدون في ذلك الأشعار كحال هذا الذي يخاطب الرسول قائلاً
يا صاحب القبر المنير بيثرب
يا منتهى أملي وغاية مطلبي
يا من به في النائبات توسلي
وإليه في كل الحوادث مهربي
يا من يجود على الوجود بأنعم
خضر تعم عموم صوب الصيب
يا غوث من في الخافقين وغيثهم
وربيعهم في كل عام مجدب
يا من نناديه فيسمعنا على
بعد المسافة سمع أقرب أقرب
ويقول أيضًا
مولاي مولاي فرج كل معضلة
عني فقد أثقلت ظهري الخطيات
واعطف عليَّ وخذ يا سيدي بيدي
إذا دهتني الملمات المهمات
شرح ديوان البرعي في المدائح الربانية والنبوية للشاعر عبد الرحمن البرعي ص
وهكذا كان الغلو سببًا في نشر العقائد الهدامة في صفوف الأمة بدعوى محبة النبي التي استغلها الصوفية أسوأ استغلال في إظهار كثير من البدع مثل الحضرات والموالد والتوسل البدعي والشركي وصيغ الصلوات المبتدعة حتى أفسدوا على الناس عقائدهم ولبسوا عليهم دينهم.